بقلم المهندسم طارق بدراوى
أعلنت منطقة واحة سيوة بمحافظة مطروح محمية طبيعية بقرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 1219 لسنة 2002م والتي تبلغ مساحتها حوالي 7800 كم مربع وتضم المحمية ثلاث قطاعات أولها في الشرق على الحد الغربي من منخفض القطارة و تبلغ مساحتها حوالس 6000 كم مربع ويضم هذا القطاع مناطق حطيات سترة و نواميسة و العرج و البحرين و تبغبغ و جارة وأم الصغير وثانيها في الغرب مع الحدود الليبية ويضم مناطق أم الغزلان و جربا و شياطة والملفا وتبلغ مساحته حوالي 1700 كم مربع أما القطاع الأوسط فيضم منطقة بئر واحد وجزء من بحر الرمال الأعظم وتبلغ مساحته 100 كم مربع وقد تم تصنيف المنطقة كمحمية طبيعية لما تزخر به من تنوع بيولوجي وتراث طبيعي وثقافي حيث يقطن بها العديد من الثدييات والزواحف والطيور واللافقاريات والحشرات ومنها الغزال ذو القرون النحيلة المهدد بالإنقراض والثعلب الفينيقي والشيتا والقطط المهددة بالإنقراض ويجتمع على أرضها أنواع الطيور الشائعة كالحمام والطيور المهاجرة بالإضافة إلى أشكال متعددة من بيئة الحياة النباتية ويتمثل التنوع البيولوجي بمحمية سيوة في وجود تكوينات جيولوجية تتمثل في أراضى رطبة وكثبان رملية وهضاب وبحيرات يجتمع فيها أكثر من 40 نوع من النباتات الرعوية والطبية وغيرها من نباتات تثبيت الرمال علاوة على حطيات أشجارالطلح والسنط والأثل وكذلك حوالي 28 نوع من الحيوانات البرية الثديية ومنها أنواع نادرة مهددة بالإنقراض حيث علي سبيل المثال تمثل المحمية الملاذ الأخير للغزال الأبيض ومن الثدييات المتواجدة بالمحمية الغزال الأحمر كما تم رصد وجود الفهد الصياد قرب منخفض القطارة كما يوجد بالمحمية حوالي 32 نوع من الزواحف و164 نوع من الطيور المهاجرة للراحة والتزود بالغذاء بالإضافة الى أعداد كثيرة من اللافقاريات والحشرات بالإضافة لما تمثله المحمية من أهمية خاصة بالتراث الطبيعي والثقافي مما يرشحها لتتبوأ مكانة عالمية عالية لإدراجها ضمن مناطق التراث العالمي …..
صورة بانورامية لجانب من محمية سيوة
الفهد الصياد من الثدييات التي تعيش بمحمية سيوة
وبالإضافة إلي ما سبق توجد بالمحمية ينابيع مياه وبحيرات وآبار مياه عذبة ساعدت على زراعة كثير من النباتات الإقتصادية والأشجار المثمرة التي تنمو في بيئة نقية خالية من التلوث لذلك تجد لها سوقا رائجة للتصدير والواحة بها نحو 400 ألف نخلة و70 ألف شجرة زيتون ولواحة سيوة أهمية تاريخية تعود إلى العصر الفرعوني القديم وبها آثار معبد آمون الذي وقف عنده الإسكندر الأكبر عام 331 ق.م ويسمى أيضا معبد الوحي أو معبد التنبؤات أو معبد الإسكندر وهو أحد أهم المعالم الأثرية في واحة سيوة وأقيم في العصر الفرعوني لنشر ديانة آمون بين القبائل والشعوب المجاورة نظرا لموقع سيوة كملتقى للطرق التجارية بين جنوب الصحراء وشمالها وغربها وشرقها ويقع المعبد على مسافة 4 كم شرق مدينة سيوة وإشتهر بزيارة القائد المقدوني الإسكندر الأكبر بعد فتحه مصر في عام 331 ق.م ويشهد المعبد ظاهرة فلكية تسمى الإعتدال الربيعي حيث يتعامد قرص الشمس على المعبد مرتين كل عام في يوم 20 أو 21 مارس وهو تاريخ الإعتدال الربيعي وفي يوم 22 أو 23 سبتمبر وهو تاريخ الإعتدال الخريفي وترصد الظاهرة اليومين الوحيدين في العام الذى يتساوى فيهما الليل والنهار بعد 90 يوما من أقصر نهار في العام من أولهما وبعد تسعين يوما من أطول نهار في العام من ثانيهما كما توجد آثار لمعبد آخر هومعبد أم عبيدة وهو معبد آمون الثاني بالواحة ويقع بالقرب من معبد آمون الأول أو معبد الوحي كما يطلق عليه أحيانا وقد شيده الفرعون المصري نكتنابو الثاني أو نختانبو الثاني من الأسرة الثلاثين الفرعونية ويتميز بصورة للفرعون وهو يركع للإله آمون وقد إختلفت الروايات حول كيفية تدمير المعبد فبعضها يشير إلى أن زلزال قوى حدث عام 1881م تسبب في تدمير المعبد والبعض الآخر يورد أنه قد تم تفجير المعبد في عام 1897م على يد مأمور مركز شرطة سيوة محمود بك عزمي الذي كان قد نقل إلى سيوة بعد الثورة العرابية عقابا له لتعاطفه معها ومن ثم تعتبر محمية سيوة منطقة جذب سياحي كما أنها تتميز بإنتاجها الزراعي الذي يصدر معظمه إلى الخارج مثل التمور والكركديه والنعناع وزيت الزيتون بالإضافة إلى المياه المعدنية النقية والتي تباع تجاريا تحت إسم الواحة أى بإسم مياه سيوة …..
الغزال الأبيض بمحمية سيوة
نبات السنط العربي بمحمية سيوة
وفي حقيقة الأمر فعلي الرغم من وقوع سيوة وسط الصحراء إلا أن المياه العذبة تنتشر في أرجائها في صورة عدد كبير من الآبار والعيون يصل عددها إلى 200 عين يتدفق منها يوميا حوالي 190 ألف متر مكعب من المياه تستخدم لأغراض الري والشرب وتعبئة المياه الطبيعية والعلاج ويختلف مقدار مياهها من بئر لآخر وتتجمع أحيانا في منطقة واحدة ومنها الساخن والبارد والحلو والمالح بالإضافة إلى العيون الكبريتية ومن تلك العيون عين تجزرت وعين الدكرور وعين قوريشت وعين الحمام وعين طاموسة وعين خميسة وعين الجربة وعين الشفاء وعين مشندت ومن العيون الشهيرة بها عين كيلوباترا وهي من أكثر مزارات سيوة السياحية شهرة وتعرف أيضا بإسم عين جوبا أو عين الشمس وهي عبارة عن حمام من الحجر يتم ملؤه من مياه الينابيع الساخنة الطبيعية ويدعي البعض أنها سميت بهذا الإسم تيمنا بإسم الملكة المصرية كليوباترا التي سبحت فيها بنفسها أثناء زيارتها لسيوة فيما ينفي البعض أن هذه الزيارة حدثت من الأساس وعين فطناس وتبعد حوالى 6 كم غرب سيوة وتقع بجزيرة فطناس المطلة على البحيرة المالحة ويحيط بها أشجار النخيل والمناظر الطبيعية الصحراوية وعين واحد و تسمى أيضا بئر بحر الرمال الأعظم وهو ينبوع كبريتي ساخن على بعد 10 كم من الواحة بالقرب من الحدود الليبية في قلب بحر الرمال الأعظم وعين كيغار التي تستخدم للأغراض العلاجية من الأمراض الجلدية والروماتزمية وتعد عين كيغارأشهرها حيث تبلغ درجة حرارة مائها 67 درجة مئوية وتحتوي على عدة عناصر معدنية وكبريتية …..
وإلي جانب عيون المياه العذية توجد بسيوة عدد 4 بحيرات مياه مالحة رئيسية هي بحيرة الزيتون وتقع بشرق سيوة وتبلغ مساحتها 5760 فدان وبحيرة أغورمي أو المعاصر وتقع شمال شرق الواحة وتبلغ مساحتها 960 فدان وبحيرة سيوة وتقع غرب مدينة شالي وتبلغ مساحتها 3600 فدان وبحيرة المراقي غرب الواحة بمنطقة بهي الدين وتبلغ مساحتها 700 فدان وتضم الواحة عدة بحيرات أخرى منها بحيرة طغاغين وبحيرة الأوسط وبحيرة شياطة وبحيرة فطناس والتي تعد من الأماكن الجاذبة للسياحة وتقع على بعد 5 كم غرب سيوة وبها تقع جزيرة فطناس التي تحيط بها البحيرة من ثلاثة إتجاهات، ويقع أمامها جبل جعفر……
وقد تم العثورعلي أكبر حوت في العالم بمحمية سيوة من نوع سيتويد ويرجع عمره إلي نحو 73 مليون سنة بواسطة الفريق الوطني للحفريات بقطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة بالتعاون مع جامعة ميتشجان الأمريكية وقد سجل الفريق موقعا حفريا يضم 3 أنواع مختلفة من الحيتان وعرائس البحر والسلاحف البحرية العملاقة لم تسجل من قبل وكذلك ثعابين مائية وأسنان سمك القرش كما تم أيضا العثور علي منطقة أسلاف الفيلة وهي كائنات تعيش علي اليابسة مما يعد إكتشافا مهما جدا يترتب عليه تصحيح الخريطة الجيولوجية بمصر والعديد من الحفريات التي تم العثور عليها بمحمية سيوة مطابقة لتلك الموجودة بوادي الحيتان بمنطقة وادى الريان بالفيوم والتي تضم نفس المكونات تقريبا حيث نجد تلك المحمية تضم حيتان الباسيلوسورس وعرائس البحر وتماسيح وسلاحف بحرية وأسماك قرش وقنافذ البحر وقواقع النيوتلس وجدير بالذكر أيضا أنه قد تم العثور علي حفريات لحيتان ضخمة من نوع سيتيوديس في مواقع مهمة بالقرب من منطقة الجارة المتواجدة بالقطاع الأول من المحمية …..
متحف البيت السيوى
حفريات الحيتان بمحمية سيوة
وتشمل محمية سيوة أيضا جبل الدكرور وهو عبارة عن سلسلة من التلال المتجاورة ويقع على مسافة 3 كم جنوب واحة سيوة وله قمتان تسميان نادرة وناصرة وفي قمة ناصرة توجد مغارة منحوتة في الصخر تسمى تناشور وأسفلها يوجد أثر يسمى بيت السلطان مصنوع من الحجر الجيري النظيف ويشتهر الجبل برماله الساخنة ذات الخصائص العلاجية وإحتوائه على الصبغة الحمراء المستخدمة في تصنيع الأواني الفخارية السيوية ويتوافد إلى الجبل الزوار من المصريين والأجانب أثناء فصل الصيف للإستمتاع بحمامات الرمال الساخنة التي تتميز بقدرتها على علاج الأمراض الروماتيزمية وآلام المفاصل والعمود الفقري والأمراض الجلدية …..
وقد تم إنشاء مركز لتوثيق التراث بسيوة وهو يتبع مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الإسكندرية ومدعم من وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذى يهدف إلى توثيق كافة جوانب التراث السيوي من عادات وتقاليد وحرف وصناعات يدوية وفن قديم وموسيقى وشعر ونحت ومحميات طبيعية وطرق للري وطرق البناء القديمة بها ويتعاون المركز مع عدة جهات منها مجلس مدينة سيوة وجمعية تنمية المجتمع المحلي وجمعية أبناء سيوة ومديرية الآثار بسيوة ومؤسسة كوسبي الإنمائية الإيطالية وجمعية البوغاز بمدينة طنجة بالمغرب وبرنامج التراث الأوروبي المتوسطي التابع للإتحاد الأوروبي كما أنشئ أيضا متحف سمي متحف البيت السيوى بالتعاون مع الحكومة الكندية في حديقة مجلس مدينة سيوة على مساحة ثلاثة أفدنة على طراز البيت السيوي التقليدي بإستخدام الطوب اللبن وجذوع النخيل ويجمع بين أرجائه تاريخ الحياة السيوية وتطورها على مدى مراحل زمنية مختلفة ويحوي العديد من المقتنيات التي تعبر عن التراث السيوي الأصيل والتي جمعت بالجهود الذاتية لأهالي الواحة مثل المجوهرات الفضية والآلات الموسيقية وأزياء الأفراح والسلال والأواني الفخارية وأدوات الزراعة ولا يخضع المتحف لإشراف وزارة الثقافة ولكن يشرف عليه مجلس مدينة سيوة ويتولى الإشراف الفني عليه لجنة مكونة من شيوخ القبائل وعدد من الأعضاء من أهالي سيوة من الجامعيين وينفق المتحف على نفسه من خلال رسم الدخول المفروض على الزوار …..